في الدورات الاخيرة من بطولة الدوري الاسباني، وفي الندوات الصحفية لزيدان كان السؤال المركزي المشترك عن مغادرته من عدمها، على رأس الإدارة التقنية للريال. وكان في أجوبته يتفادى التطرق لهذا الموضوع، حتى لا يؤثر على سيرورة النادي ومسيرته الرياضية والتشويش عليه.
ومن هنا يمكن القول أن الخبر كان سرًا مفتوحًا ليصبح رسميا بعد أن نشر النادي على موقعه صباح يوم الخميس 27 ماي : “ريال مدريد يعلن أن زين الدين زيدان قرر إنهاء مرحلته الحالية كمدرب لنادينا “.وبذهاب زيدان بالرغم من عدم انتهاء العقد الذي يربطه بالريال، يتضح جليا ان الريال ومجلس إدارته ومديريته التقنية ينتظرهم صيف ساخن، للبناء من جديد وتفكيك مجموعة من الاشكاليات الشائكة التي ضربت في العمق مخططات النادي وتحضيراته في السنوات الثلاثة الاخيرة .
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الظروف وبعد انتهاء الموسم الرياضي هو : لماذا رحيل زيدان عن ريال مدريد؟
أولا يمكن التأكيد أن زين الدين زيدان كان يؤكد دائما أنه لن يكون وفي أية لحظة من اللحظات كمتسبب في ازمة تعاقدية بينه وبين كل مكونات النادي، لسبب بسيط انه يعتبر نفسه من ابناء الدار والتي قضى بها سنوات عديدة تعلم خلالها التعامل الايجابي بأرقى تجلياته الإنسانية وقيمه الأخلاقية. وكان دائما يعمل في صمت محافظا على علاقته بمحيطه الرياضي، وهو عامل مؤثر يمكن مرده بالأساس للإرهاق .لقد مر المدرب بموسم صعب للغاية وكان منهكًا عقليًا. لم تكن النتائج جيدة، خاصة في بداية الموسم وشعر بالتساؤل داخل النادي وخارجه. حتى المتابعة الصحفية لم تكن رحيمة به وكانت تصف مستقبله بأنه على المحك. خصوصا في الثلث الأول من الموسم وكانت قاسية عليه بل انها أكدت ان الموسم قد انتهى بالنسبة اليه، إلا أنه كان يتفوق دائما بواسطة صبره وهدوئه وإيمانه بالعمل الذي يقوم به مستقلا بقراراته بالرغم انها كانت تتعارض مع المتربصين .
كان فلورنتينو بيريز يعرف بالفعل أن الطرفين ملزمان بفهم بعضهما البعض … والانفصال أيضا كان واردا. كان الفرنسي قد وعد لدى عودته بثورة لم يستطع تنفيذها أبدًا : استمر الشباب في الحصول على فرص قليلة، وكبار السن كانوا لاعبين أساسيين، والإصابات فقط هي التي أدت إلى تغيير الوجه في تشكيلات الفريق الأبيض.
إذن بعد رحيل زيدان على رأس الإدارة التقنية للريال، والتي تأكدت هذا الصباح، ظل حتى اللحظات الاخيرة رهين بالمشروع الرياضي المستقبلي والتي ستكون محطته القريبة الموسم المقبل الا انه اتضح بكون الاتفاق بينه وبين الجهات المعنية لم يقع.
أعتقد ان إشكالية رحيل زيدان حاليا لا تطرح بحدة لان البداية يجب اولا رصد واقع الحال وتقييم الموسم الرياضي وتطويق اكراهاته والتي كانت من مسببات ما وصل اليه الفريق من تدني بالرغم من منافسته على اللقب الى اخر دورة واحتلاله للرتبة الثانية والتي لا يجب ان تكون مبررا للسكوت على مجموعة من السلبيات التي واكبت مسيرة النادي والمتجلية في سوء التخطيط والتحضير وغياب انتدابات جديدة للرفع من مستواه التنافسي … حاليا يجب التخلص من مجموعة من اللاعبين الذين شاخوا وهرموا وآخرون ممن لا يستحقون حمل قميصه والحسم في إشكالية اللاعبين المعارين واستقدام أحسنهم …
عمل كبير ينتظر الفريق ومجلسه الإداري في افق بناء جديد والقطيعة بينه ولين المرحلة السابقة والوصول الى مشروع رياضي جديد يأخد بعين الاعتبار التعاقد مع مدرب محنك يساهم في التغيير الهيكلي الذي يطمح اليه النادي وأن لا يقع في الاخطاء المتكررة بعد المغادرة الاولى لزيدان. وهنا يدخل العمل الذي يمكن ان يقوم به الرئيس.
العملية ليست سهلة ولكنها في نفس الوقت ليست مستحيلة ليسترجع الريال هيبته وقوته .
