Web Analytics
الرياضةمقالات الرأي

المُغرب التطواني ليس هو أتلتيكو تطوان الإسباني (ج.2)

 نادي أتلتيكو تطوان الإسباني (12 مارس 1933- 10 يوليوز 1956)

ولنمر لتاريخ نادي أتلتيكو تطوان الإسباني الذي أرخ له الإسباني التطواني المولد خوليو باريس أراغونيس، ابن الإسباني التطواني المولد خوليو باريس لوبيس آخر رئيس لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني والذي تحمل مسؤولية رئاسة الفريق منذ سنة 1946 وإلى غاية انتقاله لمدينة سبتة سنة 1956 (بعد استقلال المغرب)، وقاده من البطولة الجهوية إلى القسم الأول من الليغا، ثم حافظ له على مكانته في القسم الثاني من الليغا إلى غاية انتقال الفريق لسبتة (وقد لعب الفريق الدوري التأهيلي للصعود مرتين اثنتين خسرهما أمام منافسين أقوياء). باريس الابن جمع كل المعطيات اللازمة لكتابة تاريخ أتلتيكو تطوان، في كتاب نشر سنة 1997  وبيع بتطوان:  Tetuán y su Atletico

تحدث خوليو باريس الابن عن تاريخ انطلاق الكرة بتطوان بعد الدخول الإسباني للمدينة سنة 1913، ولا وجود بينها لفريق إسباني واحد تأسس سنة 1922. إلى أن تشكل فرق نادي أتلتيكو تطوان ضمن منظور يرمي إلى النهوض به كفريق قوي يمثل الوجود الإسباني الكروي، واستقطب لهذا الغرض العديد من العناصر الجيدة من أندية إسبانية أخرى المتواجدة وقتها. كان هذا يوم 12 مارس من سنة 1933.

(أول شعار لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني)

نادي أتلتيكو تطوان الإسباني تمكن من انتشال نفسه من البطولة الجهوية الإسبانية فرع شمال المغرب، وكانت تسمى، بداية، الجامعة الإسبانية-المغربية التابعة للجامعة الإسبانية وأسست يوم 13 يناير 1931 وكان مقرها بسبتة السليبة، وستسمى انطلاقا من سنة 1938 بالجامعة الجهوية لشمال افريقيا.  وبعد استقلال المغرب، ستسمى ب”جامعة إفريقيا الشمالية لكرة القدم” ومقرها بسبتة السليبة دائما مع مندوبية بمليلية السليبة  إلى غاية سنة 1986 حيث ستتغير التسمية ويتم التخلي عن مصطلح شمال افريقيا…

أسست بفضل المهندس العسكري لويس سانشيز أورداسبال الذي سيشغل منصب رئيس لها طيلة 15 سنة. وكان من مهامها الإشراف على شؤون كرة القدم بسبتة ومليلية المحتلتين وبالمناطق الخاضعة للحماية الإسبانية وبمدينة طنجة ذات النظام الدولي، وكانت مفتوحة أمام مشاركة الأندية المغربية النشأة في المستويات الجهوية، بل حتى في الأقسام الوطنية لمن له القدرة على الوصول إليها (فريق المغرب الأقصى أو مُغرب طنجة وصل القسم الثالث من الليغا في بداية الخمسينات).  وكان من أول قرارات هذه الجامعة إنشاء بطولة جهوية مشابهة لتلك التي تنظمها باقي الجامعات الجهوية الإسبانية التابعة للجامعة الإسبانية. ولم تشارك في النسخة الأولى من هذه البطولة سوى فرق سبتة وتطوان لانخراطهما في الجامعة، وعاد اللقب لفريق كولتورا سبور السبتي.

وفي سنة 1932 اعترفت الجامعة الإسبانية بهذه البطولة الجهوية وصار بإمكان الفائز بها المشاركة في تصفيات كأس اسبانيا، لكن دون الحق في الالتحاق بالقسم الثالث من الليغا لأن الفرق الإسبانية الأخرى كانت ترفض ذلك بالنظر لارتفاع كلفة الانتقال لشمال المغرب وللتخوف من الانتقال إلى مناطق “اضطرابات”…

بعد انتهاء الحرب الأهلية الإسبانية، سنة 1939 صار بإمكان الفائز بالبطولة الجهوية المنظمة من طرف الجامعة الجهوية لشمال افريقيا (والمتضمنة لقسمين جهويين، الأول والثاني) المشاركة في الأقسام الوطنية الإسبانية من الليغا.

نادي أتلتيكو تطوان الإسباني بدأ مسيرته عند نشأته في الأقسام الجهوية، لكنها تعثرت بفعل قدوم الحرب الأهلية، ثم سلك طريقا متصاعدا مع قدوم خوليو باريس الأب لرئاسته، سنة 1946، حيث نقله في ست سنوات من القسم الثالث إلى القسم الأول من الليغا في موسم 52-1951. لكن الفريق عاد للقسم الثاني بعد موسم واحد حيث ظل يلعب أدورا طلائعية إلى غاية رحيله صيف سنة 1956.

فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، وقتها، تحول إلى فريق لكل الجمهور التطواني بمن فيه المغربي. ذلك أنه، مع دخوله الأقسام الوطنية والاحتراف، اجتذب أشهر الفرق واللاعبين لملعب فاريلا Varela الذي بني عمليا في شكله الحالي في أواخر الأربعينات (مع تعديلات أدخلت عليه منذ السبعينات). كما أنه توفر على بعض اللاعبين الذين سيصبحون دوليين فيما بعد وسيلعبون في فرق كبرى (كليسميس الذي لعب لريال الكؤوس الأوربية الخمس، وراموني…) إضافة إلى الساحر المغربي لحسن شيشا. إدارة الفريق ضمت عددا جد قليل من المغاربة المسلمين طيلة 23 سنة من وجوده (5) وهم رجل الأعمال التطواني عبد السلام بنعبود (الذي شارك في عدة مكاتب للفريق) وعبد القادر بريشة وعبد الكريم اللبادي وأحمد “مهلول” (Mehlul) والدوالي. كما لم يتجاوز عدد المغاربة المسلمون الذين لعبوا له 10 لاعبا طوال تلك المدة: باعلال- عبد الله- المحجوب- مصطفى الحداد- علال- محمد العروسي- لحسن شيشا- سالم العيساوي- مصطفى الوزاني- عبد القادر البزيوي (ويتضمن كتاب خوليو باريس جردا مفصلا لكل هذه المعطيات).

أول إدارة رسمية لفريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، برسم سنة 1934 لم تتضمن أي عنصر مغربي من بين الأعضاء. نفس الشيء بالنسبة لأول تشكيلة للفريق الذي لعب حبيا ضد فريق من أصيلة في شهر دجنبر من سنة 1933 التي كانت كلها إسبانية. وهو ما يكذب نظرية “اندماج” الفريقين منذ البداية، أي المُغرب التطواني المغربي المؤسس رسميا سنة 1928ونادي أتلتيكو تطوان الإسباني المؤسس سنة 1933 (كما أن لا أحد من الفريقين أسس سنة 1922).

بل إن الفريقين الإسباني والمغربي لعبا في مواجهة بعضهما ضمن ما سمي وقتها بكأس الخليفة في موسم 35-1934، وكانت النتيجة 3-1 لصالح نادي الأتلتيكو الإسباني ذهابا (يوم 21 أكتوبر 1934) وإيابا (يوم 9 دجنبر 1934).

(الصورة لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني موسم 36-1935بعد الاستقلال وجد الفريق نفسه في حالة فريدة من نوعها كفريق إسباني محترف له التزامات مع لاعبيه المحترفين. تأسست الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم للمغرب المستقل سنة 1956وشرعت في تنظيم بطولة مختلفة عن تلك التي كانت تجرى أيام الحماية الفرنسية.  وفي تطوان كان يوجد، وقتها، فريق الرابطة الرياضية المغربي كفريق قائم الذات انطلق أواخر الأربعينات، وكان يمارس بالبطولة الجهوية في بداية الخمسينات.

وسرعان ما أضيف له فريق المُغرب الرياضي التطواني الذي أعاد المغاربة إحياؤه مع مطلع شهر يونيو 1956، وقد أشارت جريدة “أ.ب.س.  ABC” المدريدية، في عددها ليوم 9 يونيو1956 لهذه العودة قائلة : ” بإحيائه لاسم رياضي قديم تأسس نادي جمعية المغرب الرياضي يحذوه طموح جمع العديد من الرياضات تحت لوائه، ككرة القدم وكرة السلة والدراجات والسباحة وألعاب القوى…ويترأس الجمعية سيدي الحاج الفيلالي وكنائب له السي أحمد الظريف وكأمين المال السي الحاج العربي بوستة وككاتب السي محمد العلوي. ويتكون الفريق من لاعبين محليين وسينازل يوم الأحد المقبل بالرباط فريق الفتح الرياضي للرباط…”.

اجتمعت إدارة نادي أتلتيكو تطوان الإسباني، في شهر يوليوز 1956، بمسؤولي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لدراسة إمكانية بقاء الفريق بالمغرب. لكن استمراره كفريق محترف ممارس بإسبانيا من داخل الأراضي المغربية لم يعد ممكنا، كما لم يكن بالإمكان انخراطه ضمن البطولة المغربية لأنها بكل بساطة بطولة هواة بينما الفريق محترف، وفي ملكية أجانب.

فكان من الضروري، إذن، أن يرحل الفريق عن تطوان كما رحل الجيش الإسباني ورحلت الشرطة والإدارة الإسبانية.  الجامعة الإسبانية لكرة القدم وجدت مخرجا استثنائيا لهذا الفريق بقبول اندماجه مع فريق من مدينة أخرى، سبتة المحتلة في هذه الحالة، والحفاظ على مكانته في نفس القسم، وهو إجراء ممنوع في إسبانيا لكن الحالة كانت استثنائية وطبقت كذلك على فريق الاتحاد الرياضي إسبانيا طنجة الذي اندمج مع فريق الجزيرة الخضراء.

وسجلت وثيقة الاندماج الرسمية (َActa 102 الصفحة 473 من كتاب باريس الابن) التي وقعت في تطوان يوم 10 يوليوز من سنة 1956، قرار اندماج نادي أتلتيكو تطوان مع الجمعية الرياضية لسبتة وتشكيل جمعية أتلتيكو سبتة. وتقرر كذلك حل نادي إسبانيول تطوان لكرة القدم (وكان قد تحول لفريق رديف filial لنادي أتلتيكو تطوان منذ سنة 1950) مع تسريح كل اللاعبين الذين لا يرغب فيهم فريق أتلتيكو سبتة.

ولم يتكلم خوليو باريس الابن بالمرة في كتابه، ولا الصحافة الإسبانية وقتها عن “تشكيل الجزء المغربي من نادي الأتلتيكو لفريق المُغرب التطواني”، بل على العكس من ذلك اشارت كل من صحيفتي “دياريو دي أفريكا” المحلية، في عددها ليوم فاتح أكتوبر 1956، و”أ.ب.س.” المركزية، المذكورة أعلاه، لعودة فريق “المُغرب” القديم للواجهة.، وكان قد أعيد تأسيسه قبل رحيل الأتلتيكو الإسباني لسبتة السليبة بأكثر من شهر، بل واجهه حبيا، في بداية شهر يوليوز، ودخل المُغرب التطواني بتشكيلة مغربية 100% كما كان له مجلسا إداريا مغربيا 100%.

ولن يلتحق أي من هذه الشخصيات بالمكتب المؤسس للمُغرب الرياضي التطواني في يونيو 1956 الذي تشكل من المغاربة المسلمين فقط، بمن فيهم المغربيين المسلم عبد السلام بنعبود واليهودي خوصي بنعيم عضوي الأتلتيكو الإسباني. بعد ذلك بعدة أشهر سيعزز كل من بنعبود وبنعيم، كفعاليات شخصية من المدينة، المكتب الثاني لفريق المُغرب الرياضي التطواني الذي دعمته السلطات في أكتوبر1956، وأضيف لهما التطواني اليهودي ألبرطو كورسياس بوطبول ومانويل ريوس من مكتب سابق للأتلتيكو (مكتب 1951) إضافة لإسباني آخر إيميليو بيريس فرانكو، وذلك رغبة من السلطات في توفير موارد إضافية للفريق.

لم يكن هناك أدنى مانع قانوني في أن يبقى نادي الأتلتيكو بتطوان كفريق هاو مع مغربة رئاسته وضمه لمن أراد ذلك من أعضاء المكتب المسير الإسبان المتواجدين بالمدينة (ومنهم من ولد ونشأ بها)، لكنه كان فريقا إسبانيا يلعب في القسم الثاني من الليغا وله التزامات مالية مع محترفيه، فرحل إذن بعد أن سرح فائض لاعبيه.

في المنطقة السلطانية حينت الفرق الفرنسية مكاتبها، ومغربت رئاستها، وشاركت في البطولة الجديدة التي نظمتها الجامعة المغربية الجديدة بدون أدنى مشكل، لأنها كانت فرق هاوية ولعبت في بطولة محلية مغربية هاوية لا علاقة لها بالبطولة الاحترافية الفرنسية. ومن هذه الفرق، فريق الاتحاد الرياضي المغربي، “اليوسام”، الذي كان عمليا فريق الحماية الفرنسية بامتياز (ونادي الصخور السوداء والصام والأولمبيك الرباطي وسطاد ماروكان…) …

بعد نهاية القصة المغربية لنادي أتلتيكو تطوان الإسباني سيرحل لاعبوه المحترفون للالتحاق بفريقهم الجديد أتلتيكو سبتة بينما سيلتحق الشبان منهم والاحتياطيون الهواة من أبناء تطوان أو ممن هم مستقرين بها، غير المرغوب فيهم من طرف أتلتيكو سبتة، بالفرق التطوانية القائمة، الرابطة الرياضية التطوانية والمُغرب الرياضي التطواني. وستفرغ الرابطة تقريبا من لاعبيها الأساسيين (مغاربة وإسبان) بعد ذلك والذين سيلتحقون بالمُغرب التطواني الفائز في التصفيات المؤدية للمركز الوحيد الذي خصص للشمال بالقسم الوطني الأول من البطولة المغربية الجديدة.

“ألقاب” فريق نادي أتلتيكو تطوان الإسباني حينما كانت تحيل على “المغرب” فإنما تحيل على التنظيم الجغرافي الجهوي للبطولة المنظمة آنذاك تحت لواء الجامعة الإسبانية لكرة القدم، سواء في تسميتها الأولى لسنة 1931، “الجامعة الإسبانية-المغربية”، أو تحت مسمى “الجامعة الجهوية لشمال افريقيا” انطلاقا من سنة 1938 وكان مقرها بسبتة السليبة. اللهم إن كان من القائلين باحتساب ألقاب الفريق الإسباني للفريق المغربي من يعتبر أن اسبانيا المستعمرة كانت وقتها تقر بكون سبتة ومليلية مغربيتين، وهذا ما لم يقع طبعا.

نادي المغرب الرياضي (أتلتيكو) التطواني المغربي

أول تاريخ رسمي يمكن تسجيله لظهور فريق المُغرب التطواني هو تاريخ 2 دجنبر 1928 بعد أن قام الحاج عبد السلام بنونة بوضع النظام الأساسي ل”جمعية الاتحاد المغربي” وهي “جمعية رياضية أدبية” (كما كان ذلك مخطوطا على باب النادي الذي فتحته الجمعية بالفدان يوم فاتح مارس 1929…). وقد طلبت الجمعية الترخيص لها باسم الشاب أحمد الزكاري ولم تتوصل بالترخيص القانوني سوى في فاتح أكتوبر 1931 (انظر كتاب “أب الحركة الوطنية المغربية الحاج عبد السلام بنونة- حياته ونضاله” للمؤرخ محمد ابن عزوز حكيم؛ الرباط 1987؛ ص.279-280).

فريق كرة القدم المنتمي للجمعية كان قد تشكل قبل ذلك بسنة أوسنتين، ويوجد أثر مكتوب دال على وجوده منشور في مجلة “الاتحاد” التابعة للإقامة العامة عدد 6 لشهر غشت 1927 الموافق لشهر صفر 1346، وهو مقال مصحوب بصورة للفريق، وقتها.

أواخر العشرينات وبداية الثلاثينات، من القرن الماضي، كانت حافلة بالنشاط الوطني على جميع المستويات، بحيث كانت هناك صحوة فعلية لمغاربة المدن، ومن بينهم مغاربة تطوان (أنشطة اقتصادية عصرية ونقابية وحقوقية وثقافية…). فريق الاتحاد المغربي التطواني الذي سيختصر باسم المُغرب التطواني كان نشطا بدوره وقد فاز بكأس تطوان سنة 1931 وكان قد لعبها ضد فرق إسبانية متواجدة آنذاك.

اظهر المزيد

Chamal Post

شمال بوست (Chamal Post | CP) موقع قانونيّ مسجّل تحت رقم 2017/06 جريدة بشعبة الحرّيّات العامّة بالنّيابة العامّة للمحكمة الابتدائيّة بطنجة بظهير شريف رقم 122.16.1 / قانون 88.13 المتعلّق بالصّحافة والنّشر 2013-2022

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى